وزارة الخزانة البريطانية تطلق مشروع قانون العملات المشفرة: هل جاءت متأخرة جداً على خطى النموذج الأمريكي؟

لندن تتحرك أخيراً – لكن السوق تجاوزها منذ فترة.
بعد سنوات من التردد، تقدم وزارة الخزانة البريطانية مشروع قانون لتنظيم العملات الرقمية يحاكي الإطار الأمريكي. الهدف واضح: جذب رأس المال والابتكار الذي استقر في وول ستريت ودبي.
السؤال الحارق: هل فات الأوان؟
بينما كانت المملكة المتحدة تناقش المبادئ التوجيهية، كانت الشركات الناشئة في القطاع تبني إمبراطوريات. تحولت سنغافورة والإمارات إلى مراكز عالمية، بينما حددت أوروبا قواعدها عبر قانون أسواق الأصول المشفرة (MiCA). وصلت بريطانيا إلى الحفلة بعد أن جفّت المشروبات.
التحدي المزدوج الذي يواجه المشروع
المشروع يحاول تحقيق معادلة صعبة: حماية المستهلك دون خنق الابتكار. يقترح تصنيف الأصول وتراخيص لمقدمي الخدمات وإشراف هيئة السلوك المالي (FSA). يبدو الأمر آمناً على الورق – وهو بالضبط ما يخشاه المبتكرون.
المخاطر الحقيقية: البيروقراطية والهروب
الخطر الأكبر ليس في صرامة القواعد، بل في بطء تطبيقها. يمكن أن تستغرق عملية الموافقة على التراخيص أشهراً، وهي فترة طويلة في عالم يتغير بين عشية وضحاها. قد تختار الشركات ببساطة الهروب إلى ولايات قضائية أكثر مرونة، مما يحول لندن إلى متفرج في سوق هي من أسسها.
لماذا قد تنجح الرهان؟
رغم كل شيء، تملك بريطانيا أوراق قوة: مركز مالي عالمي، ونظام قضائي موثوق، وروابط لغوية وثقافية مع وادي السيليكون. إذا استطاعت تقديم "وضوح تنظيمي" حقيقي – وليس مجرد طبقة جديدة من التعقيد – فقد تعيد جذب الأنظار.
الخلاصة: خطوة ضرورية، لكنها غير كافية
مشروع القانون اعتراف رسمي بأهمية القطاع، وهذا بحد ذاته انتصار. لكن النجاح لن يُقاس بنصوص القانون، بل بقدرته على تحويل لندن إلى مركز تنافسي. التاريخ المالي يعلمنا درساً واحداً: الأسواق لا تنتظر أحداً. غالباً ما تكون أفضل القواعد التنظيمية هي تلك التي تواكب السوق، لا تلك التي تحاول اللحاق به.